اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 413
بالطامة الكبرى
وَمن كمال علمنا وخبرتنا انا لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ المتقدمين في الوجود مِنْكُمْ ومن اسلافكم بل من شئونكم ونشأتكم التي في أصلاب آبائكم وأرحام أمهاتكم بل قد علمنا استعداداتكم اللاتي في ذرائر العناصر بل حصصكم من الروح الأعظم والغوث المعظم وَبالجملة لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ المتأخرين ايضا منكم في الوجود على الوجه المذكور ازلا وابدا
وَبالجملة إِنَّ رَبَّكَ يا أكمل الرسل هُوَ المطلع بسرائر الماضي والحال والمستقبل بل الازمنة كلها ساقطة مطوية منطوية عند حضوره وشهوده يَحْشُرُهُمْ في المحشر وموعد القيمة للحساب والجزاء حسب حكمته المتقنة وكيف لا إِنَّهُ في ذاته وأوصافه وأفعاله حَكِيمٌ متقن الفعل متين الصنع والعمل عَلِيمٌ لا يعزب عن حيطة حضرة علمه شيء.
ثم قال سبحانه امتنانا لكم وتنبيها على دناءة منشأكم ثم على شرف مكانتكم وعلو شأنكم ايها المكلفون من الثقلين القابلون لفيضان الايمان والمعارف
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وأظهرنا جنسه وقدرنا جسمه مِنْ صَلْصالٍ طين يابس مصوت من غاية يبسه وبقائه على حر الشمس متخذ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ من طين اسود منتن كريه الرائحة يستكره ريحه عموم الحيوانات
وَالْجَانَّ اى جنسه ايضا قد خَلَقْناهُ وأظهرناه مِنْ قَبْلُ اى قبل إيجاد الإنسان وإظهاره من مادة دنية ايضا إذ هو متخذ مِنْ نارِ السَّمُومِ اى شديدة الحرارة المتناهية فيها انظروا أولا ايها المكلفون المعتبرون الى منشأكم ومادتكم
وَاذكروا تشريف ربكم إياكم كيف عدلكم وسويكم واسدكم وقويكم وكرمكم واجتباكم وكيف هديكم واصطفاكم الى حيث اخلفكم عن نفسه وانابكم مناب قدس ذاته اذكر وقت إِذْ قالَ رَبُّكَ يا أكمل الرسل. خصه سبحانه صلّى الله عليه وسلّم بالخطاب للياقته وكمال استحقاقه من ان يكون مخاطبا لله كأنه لجميعه مرتبته عموم مراتب بنى نوعه عبارة عن جميعهم لِلْمَلائِكَةِ على سبيل الاخبار والتعليم إِنِّي لمطالعة جمالي وجلالي وعموم أوصاف كمالي على التفصيل خالِقٌ مقدر موجد بَشَراً تمثالا وهيكلا متخذا مِنْ صَلْصالٍ متخذ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ بعيد بمراحل عن مقاربتى ومقارنتي إذ هو اخس الأشياء وأدونها
فَإِذا سَوَّيْتُهُ وعدلته وكملت شكله وأتممت هيكله وَقد نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ورششت عليه من رشحات نور وجودى ومن رشاشات حياتي حسب لطفي وجودي ليكون حيا بحياتي فيصير مرآة لي اطالع فيها عموم أسمائي وصفاتي فَقَعُوا لَهُ وخروا عنده يا ملائكتي حينئذ ساجِدِينَ واضعين جباهكم على تراب المذلة والهوان تعظيما لأمرنا وتكريما له. ثم لما خلق سبحانه ما خلق على الوجه الذي خلق وامر ما امر على سبيل الوجوب والقطع
فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ بلا طلب مرجح ودليل راجح كُلُّهُمْ بلا خروج واحد منهم أَجْمَعُونَ مجتمعون معا بلا تقدم وتأخر وتردد وتسويف
إِلَّا إِبْلِيسَ الذي هو منهم تبعا لا اصالة قد أَبى عن السجود وامتنع عن أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ثم لما تخلف اللعين وركن عن امر الله
قالَ له سبحانه يا إِبْلِيسُ ناداه توبيخا وتقريعا ما لَكَ واى شيء عرض عليك ولحق بك ايها المزور أَلَّا تَكُونَ أنت مَعَ السَّاجِدِينَ الخاضعين الواضعين جباههم على تراب المذلة عند مرآتنا المجلوة المجبولة لمصلحة الخلة والخلافة امتثالا للأمر الوجوبي الصادر منا
قالَ إبليس محتجا على الله طالبا للرجحان والمزية على سبيل الإنكار والتعريض لَمْ أَكُنْ ولم يصح منى ولم يحسن عنى ولم يلق على رتبتي ومكانتى لِأَسْجُدَ
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 413